Monday, July 16, 2012

خير الدين بربروس

دراسة في تاريخ خير الدين بربروس حسب المراجع

      يعتبرالقبطان خيرالدين بربروس من أعظم رياس البحرالذين عرفتهم الجزائر و البحر المتوسط عبرالتاريخ. لقد وقع خلاف كبيربين المؤرخين في كتابة سيرته الذاتية و حتى في أصل نسبه و لقبه٬ و الهدف من هذه الدراسة هو الاقتراب قدرالممكن من تعريف دقيق و منطقي لشخصية بربروس و أمجاده اعتمادا على المراجع المتوفرة.

نشأته
     اختلف المؤرخون حول مكان ولادة و منشأ خير الدين بربروس٬ فالمراجع اليونانية تقضي بأنه بحار يوناني من أبوين يونانيان٬ و ترده مراجع أخرى الى أصل ألباني٬ أما الأتراك فقد أرجعوا أصله الى أب تركي وأم سبية مسيحية من جزيرة لسبوسة اليونانية استنادا الى مخطوط نسب اليه.
مخطوط  يعود الى 1644   منسوب
 لخير الدين بربروس
واشارة الى الرواية التركية٬ فانه يجدر بالذكر أن الكتاب المحفوظ في أحد متاحف اسطنبول عبارة عن نسخة باللغة التركية لمخطوط أصلي كتب بيد خير الدين بربروس و لا يعرف له وجود. و قد كتبت هذه النسخة بعد قرابة قرن من وفاة بربروس كما يوضحه التاريخ المدون عليها. و في غياب المخطوط الأصلي٬ فان مرجعية هذه النسخة تبقى نسبية٬ كما أن ما احتوته قابل لنقد واسع٬ اذ لا يعكس مضمون التص ولا أسلوبه عظمة قبطان أسطوري سيطر على البحرالمتوسط لعشرات السنين بحكمة لم يعرف لها مثيل .



     الا أنه و بالعودة الى الحقبة التى عاش فيها و استنادا الى جميع المصادر المتوفرة و الأعمال التي نسبت اليه فانه قد عاش قرابة ثمانين سنة ما بين 1470/1460 - 1550/1540 .
      و بما أن المراجع قد تضاربت حول طفولته و نشأته فلا يسعنا قول الكثير غير أنه كان بحارا منذ أن كان شابا٬ و خلافا لما جاء به بعض المؤرخون على أنه كبرو ترعرع بائعا للخزف ثم قرصانا مختصا في نهب السفن٬ فانه قد أمضى جل حياته قائدا و مدافعا عن الجزائر.اذ كيف لقرصان مولوع بالسرقة البحرية ونهب الغنائم والنساء أن يسخر حياته لمبدأ و يمتطي جوادا و يحارب مع باقي الجزائريين لوقف الزحف الصليبي الذي أتى على كامل الأندلس والسواحل الغربية لافريقيا الى غاية تلمسان. كما أن حرق و نهب المخطوطات و الميراث المدون لدى الجزائرييين بعد الحملة الصليبية على الجزائربعد 1832 قد أسهم في اذكاء هذه الروايات حيث لم تظهربعد أية قطعة تاريخية أو لوحة أو حتى مخطوط بيد حاكم الجزائرو سيد البحر المتوسط لعشرات السنين.
     و في غياب مصدر موثوق عن مكان ولادة و نشاة أسطورة البحر المتوسط بربروس اجتهد الكثير من المؤرخين  و المستشرقين في تأويل أصله و نسبه. و الوحيد الذي لم يقل كلمته بعد في كل هذا هو المؤرخ الجزائري المغيب عن كتب التاريخ المعاصر و الأولى بالبحث و التدقيق في الأ صل الحقيقي لواحد من أعظم شخصيات تاريخه.
و هنا يطرح السؤال نفسه : فماذا لو كان خير الدين بربروس جزائري الولادة و المشأ؟

 لقبه و أولى بطولاته
     يشهد له أعداؤه شدة البأس في اختراقه جيوش عدوه و تحصيناته٬ فلقبوه بالبربري أو بربروس بالاتينية و التي تعني الشرس٬ عكس ما جاء به بعض المؤرخون الذين نسبو اسمه الى لون لحيته اشتقاقا من كلمة ''برب روس''( لحية حمراء) المتداولة في لهجة قبائل بلاد الغال( فرنسا الان ) الذين لم يعرفو البحر انذاك.
فلو كان حقا اسمه مشتقا من لون لحيته لكان الاسبان و هو عدوهم اللذوذ أول من لقبه وهم أولى بذلك وليس قبائل بلاد الغال. و لسخرية قدرما وصل الينا من مراجع تاريخية فانه و بالفعل٬ فقد لقب الاسبان قائدا بحريا باسم  
''با با روجو'' (بابا عروجو) أو ذي اللحية الحمراء أيضا٬ لكن هذا اللقب نسب لأخ مفترض لخير الدين بربروس٬ فهل من المعقول أن يسمى الأخوان بنفس الاسم أو بالاحرى هما اسمان لنفس الشخص؟ أي أن با با روسو أو بربروس هو نفسه بابا روجو أو بابا عروج. و من حسن الحظ أن المستشرقين البرتغاليين لم يلقبوه أيضا فلو تم ذلك لصارفي تاريخ الجزائر قبطان ثالث باسم ''بابا روخو'' و هكذا دواليك -ههههه- و المستغرب أن الأتراك ينقلون الى غاية اليوم نفس الألقاب على شخصية كان لها الفضل العظيم في وصولهم الى ما وصلو اليه أنذاك و سنأتي الى هذا بالتفصيل لاحقا.
     لقد اتفق المؤرخون على أن بربروس كان من بين الذين أوقفو المد الاسباني و الصليبي في تلمسان. و ذكرأيضا اسم بابا عروج الأخ المفترض لبربروس ( و هو الشيء الذي لا نملك ما يؤكده اذ نعتقد أن بابا عروج هو نفسه بربروس ) و الذي نسب اليه ما نسب لبربروس من محاربة للاسبان على البر و في البحر و حتى على شواطيء أوربا الجنوبية و عمله على تحرير أسرى مسلمين من على أراضي الأندلس. و حقيقة الأمر٬ أنه لم تكن مجرد عمليات تحرير أو تنظيم لهروب المسلمين قام بها رياس بحر جزائريون٬ بل كانت حملات منتظمة لمحاولة انقاذ ما يمكن انقاذه من الاندلس٬ اذ كان لا يزال بالامكان الرسو على بعض الموانيء التي لم تسقط بعد بيد الاسبان.

حكم الجزائر
     و كما تعارضت روايات أصول بربروس و نسبه٬ تعارضت روايات وصوله الى حكم الجزائرو من ثم علاقة الجزائر بالعثمانيين.
وبالمقارنة بين المصادرفقد تقلد بربروس حكم الجزائرابتداءا من الفترة 1510-1515 الى ما يزيد على ثلاث عقود٬ خلفا لحاكم سبقه٬ تم نفيه حسب بعض المراجع أو قتل بتلمسان في معركة ضدالاسبان حسب مراجع أخرى. و هي رواية قد تزيد حكام الجزائر فضيلة اذ كانو يموتون على أرض الوغى و بين صفوف المحاربين عكس ما شاع اناداك عن الملوك و السلاطين الذين ماتوا من التخمة او بغدر أقرب المقربين اليهم.
     و سنعرض هنا مختلف الروايات و ما كتبه المؤرخون من مستشرقين و أتراك حول الموضوع .
الرواية ألاولى
     وصل الينا استنادا الى بعض المراجع أن حاكم الجزائر(سليم الأول و هو اسم غير مؤكد) أوائل القرن السادس عشرو تحديدا 1516  قد لجأ الى ثلاث بحارة أتراك من بينهم بربروس كانو يعملون في ميناء بالقيروان (تونس حاليا) كتجار خزف سبق لهم و أن أغارو على سفينة أو اثنتين٬ و هذا لانقاذ الجزائر من الاسبان. الشيء الذي تطلب جيشا جرارا و هذا الذي افتقروه كل الافتقار.حيث أنه و بالامعان في هذه الرواية نتسائل٬ كيف لحاكم بلد بأسره أن يستنجذ بجماعة من تجارالخزف لخوض حرب عوضا عنه٬ و أي حرب ؟ ايقاف المد الصليبي من الأندلس الى الجزائر.و تمتد نفس الرواية  الى أن يفلح البحارة أنفسهم في الاستيلاء على حكم الجزائر.لكن٬هل كان الاستحواذ على الجزائر بكل هذه السهولة؟ و كيف كان لجيش أوربا بأسره أن يقف على أبواب تلمسان؟
الرواية الثانية
     تقضي بأن بعض البحارة الأتراك٬ الموالين للحاكم الحفصي في تونس٬  قد أقدمواعلى مهاجمة حاكم الجزائر أنذاك (موسى حمو و هو اسم غير مؤكد أيضا)٬ و طردوه من الجزائر الى ''بانون''٬ وهي مدينة خاضعة للاسبان غرب تلمسان ٬  ثم احتكروا الحكم بالقوة٬ و قاموا باعدام كل من عارض ذلك.هذا في الوقت الذي كانت فيه كل الجزائر جيشا مجابها للاسبان. و هي رواية تشوبها الغرابة اذ كيف لبحارة أتراك طلبو الاذن لممارسة التجارة و القرصنة من حاكم القيروان الموالي للجزائرانذاك و انطلاقا من مرفأ بها ( حسب المصادر) أن يهاجموحاكم الجزائر وهم من دون جيش ثم يطاردوه الاف الكيلومترات حتى الاراضي الخاضعة للاسبان. علما أن نطام الدولة في الجزائرأنذاك تمثل في قلاع و جيوش منتشرة على كل السواحل و في عمق البر٬ تحت قيادة حاكم العاصمة الجزائر. كما و أعلن البحارة حسب نفس الرواية و في نفس الوقت٬ الحرب على الحفصيين في القيروان ما سيؤدي بحاكمها الى غاية طلب الحماية من الاسبان٬ فكيف لكل هذه الوقائع أن تتم وفي مدة لا تتعدى السنة حسب مصدر الرواية.
الرواية الثالثة
     و نقل بعض المؤرخون عن أن بحارا باسم باب عروج قد قاد انقلابا في الجزائر٬ و استحوذ اثره على الحكم. لكن مدينة الجزائر٬ و كما ذكرنا سالفا٬ كانت عاصمة لعشرات القلاع الحصينة المنتشرة في كامل بلاد  الجزائر٬ و التي كانت تستمد تعليماتها من حصن العاصمة. فلو حقا كان لبحار أن يقدر على الاستحواذ على مدينة الجزائر لكان لازما عليه الدخول في حرب مع كل المدن و القلاع الموالية للعاصمة و عبركل ترابها الاقليمي٬ ليقدر على حكم الجزائر بأسرها و من ثم اعلان حرب على الاسبان.
مخطوط منسوب الى أعيان الجزائر
  أوائل القرن16
الرواية الرابعة
     تقضي أن الجزائريين أنفسهم هم من نصبواعليهم بحارا من أصل تركي٬ بعد أن رأوا فيه المخلص و المنقذ من الجيش الاسباني. و هذا موثق برسالة محفوضة بمتحف في اسطمبول٬ و حاملة لتوقيع مفترض لأعيان الجزائروقتها. و السؤال المطروح: كيف للجزائريين أن يطلبوا من سليمان الأول٬ السلطان العثماني انذاك ٬ أن ينصب عليهم قائدا لم تكن له أية علاقة بالحكم العثماني نفسه٬ اذ لم يكن سوى بحارا و لم يخدم أبدا في الجيش الانكشاري و هذا بشهادة الاتراك أنفسهم. كما لم تكن للجزائريين أيضا أية صلة لا بسليمان الأول و لا بالاتراك حتى ذلك الوقت. اضافة الى أن نص الرسالة مكتوب بخط و لهجة لم تكن متداولة بالجزائرانذاك ٬ فو هذا مايطعن في صحتها و مصدرها.



     ان الهدف من هذا العرض لمحتوى بعض المصادر التاريخية٬ هو تبيان مدى تناقض مختلف الروايات حول كيفية وصول بربروس الى حكم الجزائر٬ و التي لا نجد لأي منها قاعدة منطقية. لكنه لا يمكننا نفي صحة المراجع بمجملها٬  بل نقول ان سبب كل هذا التناقض هو تحريف عن قصد أو غير قصد لحقيقة أصلية تم تكييفها حسب أهواء بعض المؤرخين والمستشرقين العاملين عليها و مشاربهم.  و منهم من عمل على طمس بعض الحقائق و نقل أخرى بكل هذا الغموض. و قد أمكن لهم هذا بعد أن حرق و نهب كل الارشيف الجزائري ابان الحرب الصليبية على الجزائرمنذ 1832  ٬ كما غيب دور المؤرخ الجزائري بالعزلة و الحصار و انشغل الجزائري بالحرب قرابة القرن و النصف٬ و هو الوقت الذي استغله أعداء الجزائر لمحو و طمس تاريخها و هويتها للقضاء عليها حتى تاريخيا...بل و صودر و نهب رصيد كبير من تاريخها و نسب الى أمم أخرى.
     و مع ذلك٬ و بالاعتماد على المصادر الشحيحة المتوفرة٬ و بالتنقيح و التركيب و المقارنة ٬ فانه يمكن الوصول الى تصور لحقيقة الأمور أقرب ما يكون الى المعقول٬ و الى ما توارثه الجزائريون أنفسهم٬ فهم الأولى بكتابة تاريخهم ٬ و هو عمل شاق و مسؤولية اجبارية تنتظر اليوم و بالحاح٬ كل مؤرخ جزائري غيور على وطنه و تاريخه.
  
صورته
     في أيامنا هذه٬ يتم تداول بعض اللوحات المصورة لشخصية خير الدين بربروس٬ و المقتبسة من مراجع مختلفة . الا أنه لم توجد و لو لوحة واحدة له٬ و هو أسطورة المتوسط ٬ بريشة رسامي الحقبة التي عاش فيها. و اللوحة الوحيدة له و المعروضة بمتحف ''اللوفر'' لا يعرف اسم لراسمها٬ ما يطعن في مصداقيتها. كما أنها تقبل نقدا واسعا٬ فالهيأة المصور عليها و ما يرتديه و ما يحمله كلها مظاهر لا توحي بقبطان أو براكب بحر. بل و الأخطرمن هذا٬ أنها تحمل أوجه طباق للوحة أخرى تمثل شخصية اعتبارية حاربت في صفوف أعداء بربروس انذاك٬ وهي '' اندريه دوريه''.و نترك لكم الحكم على أوجه التشابه بين اللوحتين و المغزى الخفي منه.
لوحة لأندريه دوريه أحد أعداء بربروس
لوحة منسوبة لبربروس 
   

     لكن٬ و بعد بحث مرير٬ و بمحض الصدفة٬ وقعنا على نسخة للوحة فنية فريدة٬  يتم بيعها بمزاد علني٬ كتب عليها : بربروس رايس الجزائر٬ و تحمل ختم رسام تعود أعماله لأربع قرون.
ان كل جزائري متمعن لهذه اللوحة٬ سيجد فيها التصورالأقرب اليه لشخصية بربروس٬ و خطوط و ملامح العرق الجزائري٬ و الهيئة و الهيبة المعبرة عن قبطان جزائري متواضع عايش البحر جل حياته دفاعا عن الأرض و العرض و المبدأ.
لوحة لخير الدين بربروس 

بربروس و القرصنة 
      و بتولي بربروس أو البربري قيادة الجزائر و أسطولها٬ فتحت صفحة أخرى من صفحات تاريخ الجزائرو البحرية الجزائرية و البحر المتوسط بأسره. و لنقص المصادر٬ يصعب التحديد الدقيق لقدرات الجزائر الاقتصادية و العسكرية انذاك٬ الا ان الاستناد على مراجع الاعداء التقليدييين للجزائر وقتها يوحي بعظمة و قدرة الجيش و الاسطول الجزائري و الذي تمكن من بسط سيطرتة على بحر المتوسط الى غاية الأطلسي٬ اذ تم العثور على خرائط لحوض المتوسط انذاك كتب على الجزء الغربي منه بحر الجزائر. و بأسطول اعتبر من الاقوى في العالم تمكن بربروس من صد المد الصليبي في البحر و على الحدود الغربية للجزائر.
حصن الجزائر أوائل القرن16

     لكن بعض المؤرخون قد شهد  على أن الأسطول الجزائري أنذاك قد اقتصرعلى سفن قراصنة تنهب الأملاك و تتاجر بالرقيق و نسبو صفة القرصان عوض القبطان لبربروسة و هي شهادة زور. اذ أن حقيقة الأمر مغايرة لذلك. لقد كانت الجزائر في حرب مستمرة ضد الصليبيين و كان حوض المتوسط الى غاية الأطلسي ساحة معركة و دفاع متقدم عن الجزائر.
 وان ذكرت قسوة حرب البحار أنذاك٬ فبالأحرى ذكر بشاعة ما حدث لسكان الأندلس بعد سقوطها ٬ عوضا عن نسب كل رذائل الحرب و النهب و القتل و الاختطاف الى الأسطول الجزائري و الى قائده البربري٬ و الذي خاض حرب رد اعتبارو قصاص لأهل الأندلس. كما اقتصرت الحملات البحرية الجزائرية على سفن العدو المباشر٬ أما ما عدا ذلك٬ فان مخطوطات التاريخ تزخر بمعاهدات عدم الاعتداء المتبادل والمبرمة بين الجزائر و مختلف الأمم التي مارست التجارة عبر البحر المتوسط. بل و اكثرمن ذلك٬ فان من الأساطيل التجارية من دفعت للسفن الحربية الجزائرية مقابل مرافقتها لها و حمايتها من سفن القراصنة القادمة من الضفة الجنوبية لأوربا و بحر الشمال.


بربروس و قيادة الأسطول العثماني 
      سنعود لهذا الموضوع باصدار تفصيلي قريبا٬ الا أنه تجدر الاشارة الى بعض القضايا الحساسة و أولها ٬ ما
نسب لخير الدين بربروس من أعلى وسام لدى البحرية العثمانية٬ ألا و هو القائد العام للأسطول البحري العثماني.و السؤال: كيف لقبطان أن يقود أسطول السلطنة العثمانية من على بعد أكثر من ثلاث الاف كيلومتر؟ و هي المسافة بين الجزائر و اسطنبول٬ و من دون أي وسيلة اتصال غيرما تنقله السفن الخشبية الشراعية.
     ثانيا٬ و بالنطرالى الضفة الجنوبية للبحر المتوسط أنذاك٬ فان حروب الصليبيين قد تمت بجيوش كل من البندقية و اسبانيا و جنوة و جيش البابوية وجيوش أخرى.  انه لو لم تكتب كل من ايطاليا و اسبانيا و البلدان الأوربية الأخرى تاريخها و تحدد دورها في هذه الحقبة لنسب كل تاريخ هذه الحروب للقيادة البابوية الصليبية.
كذلك الامر بالنسبة لحروب المسلمين الجزائريين منهم و العثمانيين. أين نسبت كل انجازات الأسطول الجزائري و أمجاده في صد العدوالصليبي الى العثمانيين. هذا لأن الجزائر لم تكتب تاريخها و لم تحدد عظمة دورها بعد. كما أن خروج الأتراك للتاريخ برواية عن أصل بربروس وأولى بطولاته و غياب المؤرخ الجزائري قرابة القرن و النصف قد أسهما في مصادرة جزء معتبر من التاريخ. لقد كان للجزائر كيان مستقل و قوة ضاربة خاصة بها كفيلة بصد الصليبيين في غرب المتوسط وشرقه٬ وكان للعثمانيين اسهام في هذا٬ لكنه لكل حقه في تاريخه الخاص و أمجاده.

 ظروف وفاته
     من الصعب جدا ايجاد أطروحة دقيقة حول مكان و ضروف وفاة بربروس٬ اذ أن منشأه و حسب يحتمل عشرات الروايات. الا أنه و من المؤكد٬ أن لا أحدا من حلفائه أو أعدائه قد زعم يوما أو حتى تخيل٬ رواية حول أسره أو قتله ٬ ليبقى بربروس أسطورة مبهمة تسكن أعماق البحر المتوسط و قلوب كل الجزائرين الى اليوم.


حروبه بطولاته و أمجاده
      انه ٬ و بتولي البربري صارية القيادة٬ توالت انجازات و بطولات الأسطول الجزائري على البحر المتوسط انطلاقا من الجزائر لنصف قرن و من بعده لثلاث قرون متتالية.
و لن نتطرق بنقد كبيرلما اتفق عليه كل المؤرخون حول عظمة خير الدين بربروس و أمجاده. اذ تزخرمجلدات التاريخ بتفاصيل معارك و بطولات الأسطول الجزائري في بحر المتوسط بقيادة البربري والتي سنعود اليها عن قريب في اصدارخاص مفصل لما تحمله من بحروقائع و بطولات أسطورية تفوق الخيال.